عسكرة القبائل العربية في إفريقيا

ما زالت الحياة القبلية تمثل العامل المشترك بين العرب والأفارقة، ومع نجاح الدول العربية في نقل القبيلة العربية إلى الحياة المدنية، ما زال الإتحاد الإفريقي يعمل جاهداً على الحيلولة دون عسكرة القبائل الإفريقية.

فالعسكرة الإفريقية لها مفاهيم ومدلولات خاصة ويجب فهمها عربياً، فهي ليست ببعيدة عن الشمال الإفريقي العربي، واليمن الأقرب للشرق الإفريقي. فليس من الصعب أن نجد جيشين في دولة إفريقية ذات نظام سياسي واحد، وحرب الوكالة عن الخارج ليست بعيدة عن جميع الفصائل المقاتلة في إفريقيا.

فالعسكرة الإفريقية نجحت في إختراق الصومال، وفصل جنوب السودان عن الخرطوم، ومع ذلك فشلت في الصحراء والتي ما زالت تحت الحكم المغربي. ومازال هناك شبهات حول مواطن للعسكرة الإفريقية في الشمال العربي، فربما تتجه بعض القبائل في ليبيا والجزائر، أو بعض قبائل سيناء في مصر لعسكرة مطالبهم وأقلمتها إفريقياً، وكذلك قد تؤدي الضغوط الخارجية على السودان لإثارة ملف حلايب الشائك بين المصريين والسودانيين.

ويتضح الفرق بين عسكرة القبائل العربية في الشرق الأوسط وعسكرة القبائل العربية في القارة الإفريقية، من خلال المقارنة بين رؤية العرب للنموذج العراقي والسوري  ورؤية الأفارقة للنموذج السوداني.

فهناك أوجه توافق بين العرب والأفارقة تتمثل في سيادة الدولة وحقوقها كاملةً، ثم حرمة الدماء، والحوار لحل القضايا العالقة، وعلى الرغم أن إستباحة الدماء في العراق وسوريا تجاوزت بكثير ما حدث في السودان، ومع ذلك هرولة الأفارقة نحو تقسيم السودان إلى دولتين، في حين أن جميع الأطراف المتنازعة في العراق وسوريا متوافقون على الوحدة الوطنية، ورفضهم المطلق لفكرة التقسيم.

ومع توافق العرب والأفارقة على مبادئ حقوق الإنسان، فهناك إختلاف في توفير الغطاء الضامن لحفظ حقوق الإنسان، فالعرب ينظرون إلى التضامن الشعبي مع الكيان السياسي هو الغطاء الأسمى للإنسان وحقوقه، في حين يرى الأفارقة أن الغطاء الأفضل للإنسان الإفريقي يكمن في حق تقرير المصير لمجموعة من القبائل قادرة على بناء دولة مستقلة.

ويظهر الشاهد على التنوع الفكري بين العرب والأفارقة حول ذلك، أن أغلب التيارات الفكرية العربية تنادي بوحدة الأمة العربية، وعندما حاول القذافي نقل هذه الفكرة إلى الأفارقة لم يجد لها قبولاً شعبياً ولا حكومياً.


فقد تتجلى هذه الفكرة عند العرب، وهي الحرب من أجل الدفاع عن الأرض والهوية، ولكن عند الأفارقة من أجل العرق واللون، فأي نزاع عربي على الأرض الإفريقية سوف يبحث الأفارقة عن حق تقرير مصير القبائل المقاتلة، بينما يبحث العرب عن حلول لا مكان لها في الإتحاد الإفريقي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جراجمة القدس

الفسيفساء الفلسطينية

الشؤم الفلسطيني