المشاركات

المشكلة الأوكرانية (2).. سيادة الدولة والأمن الإقليمي

كل دولة عضو في الأمم المتحدة، مستقلة ذات سيادة، لها حق رسم سياساتها الداخلية والخارجية، والقوانين الدولية تكفل لها هذا الحق من خلال منع أي تدخل مباشر أو تأثير غير مباشر على قراراتها السيادية من دول خارجية وخاصة دول الجوار. لهذه المادة القانونية دور كبير في الحد من فوضى الحروب بعد الحرب العالمية الثانية، وهي الغطاء القانوني لحماية جميع الدول المنتسبة للأمم المتحدة، وخاصة الدول ذات المساحات الصغيرة، في حين أنها كانت عقبة بالنسبة للدول الكبيرة التي ترغب بالتوسع الجغرافي عبر بعض الدول المستقلة الصغيرة في جوارها. وللالتفاف حول هذه المادة القانونية الدولية، انتهجت الدول الكبيرة سياسة "التأثير غير المباشر" على الدول الصغيرة المجاورة لعدوها، مع العمل على تحصين الدول الصغيرة المجاورة لها من تأثير القوى المعادية لها، وهو الحل الأنسب بعد تحريم القانون الدولي "التوسع الجغرافي". *** بالمقارنة بين تأثير الأمريكان على دول الجوار السوفييتي وتأثير الروس على دول الجوار الأمريكي أثناء حربهم الباردة، في ظل حماية القانون الدولي لجميع الدول الصغيرة في الجوار الروسي والأمريكي على

المشكلة الأوكرانية (1).. أزمة قانون وليست مؤامرة

لا يمكن طرح المشكلة الأوكرانية وفق تداعياتها السياسية والاقتصادية فقط، والتي لا خلاص من كثرتها على وسائل الإعلام العالمية. وما يقتضى القيام به، هو فهم الأزمة من خلال شروحات القوانين الدولية وتطبيقاتها سياسياً لتوضيح فلسفة السياسات الدولية ومؤثراتها على أدبيات القانون الدولي، بغض النظر عمن هو المنتصر والمهزوم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. *** في 16 يوليو 1990م، أعلن البرلمان الأوكراني أن أوكرانيا دولة ذات سيادة. وبعد استفتاء أكثر من 90% من الشعب الأوكراني على تأييدهم للإستقلال عن الإتحاد السوفييتي، أعلنت أوكرانيا استقلالها رسمياً في 24 اغسطس 1991م كنظام جمهوري مستقل وذو سيادة مطلقة. ما هو جدير بالالتفات له أن جمهورية روسيا الاتحادية "الحالية" تأسست قانونياً بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في 26 ديسمبر 1991م، أي أن أوكرانيا سبقت روسيا في حصولها على الاستقلال والسيادة بأربعة أشهر وفق الأنظمة الدولية المعمول بها في الوكالات الدولية. وبذلك يمكن القول أن كلاً من روسيا وأوكرانيا دولتان جمهوريتان متجاورتان، مستقلتان ذوات سيادة كاملة غير منقوصة. وصفة السيادة في القوانين الدولية مطلقة

وشأن السعوديين!

"من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"... حديث نبوي، والأغلب أنه ضعيف، رغم إشارة بعض العلماء إلى أن المتن لا يتعارض مع الحديث الصحيح الذي وصف المؤمنين بالبنيان المرصوص في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد. وهو من أكثر الأحاديث النبوية المتداولة حالياً على ساحات التواصل الاجتماعي في القضايا الجدلية التي محورها العلاقة بين العرب وغيرهم من المسلمين غير العرب. هذه الجدلية انطلقت من رحم دعاة الإسلام السياسي، بمن فيهم الإخوان المسلمين، والتي بدأت بتحفيز الشباب العربي على الاهتمام بكل ما يحدث في مجتمعات الأقليات المسلمة، أفغانستان نموذجاً، ومن ثم تشجيعهم على الانخراط في صفوف القتال معهم. وبسبب خوف الشباب العربي من ألاّ يكونوا منهم، أي ليسوا بمسلمين كالأفغان، ومن أجل أن يكونوا ضمن جسد الإسلام الأفغاني؛ انقلبوا على المنظومة الفكرية العربية التي تدمرت على أثرها الكثير من المقدرات الوطنية لبعض الدول العربية. بوضوح تام، الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي نصت على تواد وتراحم وتعاطف العرب مع المسلمين غير العرب هي محل اعتزازنا المنطلق من عقيدتنا الإسلامية وتقاليدنا العربية،

حلال فوبيا

لم تكن فتوى خامنئي بتحريم اللقاحات الطبية المصنوعة في بلاد غير المسلمين وليدة فكرة جديدة، بل هي مرتبطة بسلسلة فتاوى حول الطعام والشراب، والتي جدفها الخميني بعد توليه السلطة عام 1979 إلى شبكته العنكبوتية التي وقع فيها المسلمون السّنة أكثر من الشيعة أنفسهم تحت مسمى الإقتصاد الحلال. هذه الفتوى ليست عابرة بسذاجتها ليتداولها النشطاء العرب بالتهكم مثلما تناولنا الفتاوى الشيعية بالسخرية حول تحريم بعض الأطعمة بسبب عدم موالاتها لأهل البيت. إن الشريعة الإسلامية لها العديد من الأدبيات، من روائعها وهي مجتمعة بروح واحدة أنها لا تقبل الدونية بالإستهزاء لمذهب أو طائفة أو دين للتقليل من شأنهم، كما أن السطحية الفكرية تعمل على تضليل العقل العربي دون تقدمه بعمق للبحث عن الحقيقة بأسبابها وأهدافها. الطعام الحلال: أوضحت الشريعة الإسلامية باليُسر والمرونة فقه الحلال والحرام في المأكل والمشرب وفق فلسفة مرتبطة بمصلحة الإنسان الصحية التي أباحت طعام اليهود والمسيحيين. ورغم الإٍستثناءات القليلة، إلا أنها أباحت المواد المُستخرجة من اللحوم المحرمة بعد إستحالتها بالكلية، بمعنى تحول مادة الخنزير المحرمة لضرره

الشؤم الفلسطيني

لم يكن المجتمع الفلسطيني، حين صدر وعد بلفور عام 1917، بالصورة التي رسمها الإعلام العربي، وربما المسلسل السوري الشهير، التغريبة الفلسطينية، هو أكثر من ساهم في تصوير الشخصية الفلسطينية بالفّلاح الفقير المرتدي للثوب العربي والمتزين بالعقال التقليدي. الفلسطينيون كالفسيفساء المتعددة بالأعراق والألوان والأديان، منهم العرب، وفيهم الفرس والترك والهنود والأفارقة. ووفق رواية المؤرخ العراقي الأمريكي (متي موسى)، أن فلسطين أثناء استقرار الحكم التركي توافد إليها أوروبيون من اليونان وروسيا وصربيا وبلغاريا ورومانيا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا. إن اختزال القضية الفلسطينية بالمشهد العربي فقط، سياسياً وإعلامياً وفنياً، كان مدعاة لجلد الكثير من العرب لذاتهم القومية، لإعتقاد مغلوط ترسخ في عقولهم عبر التعليم "المخترق"، الديني والأكاديمي، أن فلسطين سقطت بسبب ضعف وتخاذل الشخصية العربية. مضمون وعد بلفور: الكثير من قرارات رئيس وزراء بريطانيا آرثر بلفور السياسية انطلقت من المحورين الديني والعرقي؛ فكتاب العهد القديم هو الذي أوحى له بتوطين اليهود في فلسطين. وعلى الرغم من التوصيات ا

وُلِدتُ بالسعودية

بعض من الشباب الفلسطيني يُغردون على مواقع التواصل الإجتماعي بأنهم مواليد المملكة العربية السعودية التي منحتهم من خيراتها كما لو كانوا سعوديين بالفطرة. موقف رائع وحسن خُلق اكتسبوه من الأرض السعودية العظيمة بمكوناتها الجامعة، على الرغم أنهم الفئة القليلة ولا يتجاوزون عدد أصابع اليد من بين مئات الآلاف من الفلسطينيين الصامتين وهم من مواليد السعودية أيضاً. لاشك أن الدولة الحاضنة لأركان الهوية لها دور هام في غرس الإنتماء وتنمية الولاء، ولكن لا يمكن التعويل على الولاء المُنبثق من "مكان الميلاد" لمن هم ليسوا من أهل هذه الدولة بسبب ارتباطهم بـ "الضرورة" بالهوية الأم التي تمزقت لظروف قاهرة كاللجوء والنزوح. وهذا هو حال الشعب الفلسطيني، الذي أعاد تاريخ اليهود في شتاته بالصورة المرسومة؛ فما من أرض أو دولة إلا وقد شهدت مواليد لفلسطينيين في جميع أنحاء العالم بإستثناء القطبين الشمالي والجنوبي، وليس غريباً أن يكون ولاء الشعب الفلسطيني من أبناء الجيل الرابع والخامس موزعاً على أكثر من (150) دولة أو نظامٍ سياسي في العالم. وبفعل الظروف السياسية الراهنة، نشهد اليوم أشبه ما يكون بـ "

‏تصدير الثورة الفلسطينية

عادة ما تلتزم حركة "فتح" المُتربعة على عرش السلطة الفلسطينية الصمت تجاه تصريحات "حماس" المُعادية للدولة السعودية، أو ينحصر تنديدها فقط على مواقع التواصل الإجتماعي من شخصيات غير محسوبة رسمياً على السلطة الفلسطينية، بينما يكون رفضها واستنكارها لتصريحات حماس المُعادية لإسرائيل وأحياناً مصر العربية على كافة القنوات الرسمية الفلسطينية السياسية والإعلامية. ‏ورغم أن كافة تصريحات حماس السابقة كانت موالية لإيران بالوجه الخجول والاستعطاف بإسم المقاومة الإسلامية لتحرير فلسطين، لكن بعد قبول حماس رفع شعارها في المؤتمر الصحفي للحرس الثوري الإيراني كشريك للإنتقام من السعودية بعد مقتل قاسم سليماني لم يعد الأمر اعتيادياً يسهل المرور عليه كما سبق. ‏نحن اليوم أمام حقبة جديدة من التوازنات الحزبية الفلسطينية القائمة على التركيبة الفلسطينية الفكرية والمناطقية "العرقية"، ولكن ما يعيق فهمنا لهذه التراكيب هو تغلغل اليساريين في مؤسسات الإعلام الخليجي وتغافلهم "قصداً" لدور الجبهة الشعبية الفلسطينية في تحقيق التوازن الفكري بين حركتي فتح وحماس بما يخدم أجندتها على مستوى بلاد