الفلسطينيون بعد مائة عام أو أكثر.. منهم الأبيض والأسود كما كان اليهود في شتاتهم


أكثر ما يُخيف الفلسطينيين هو قانون الدولة القومية للشعب اليهودي الذي صدر في 19 يوليو 2018، والذي يعني أن فلسطين أصبحت الوطن القومي لليهود، وأنه ليس للفلسطينيين مكان على أرض إسرائيل. وربما في القانون الجديد تمهيد لرؤية اليهودي النمساوي "تيودور هيرتزل" في دولة اليهود الكبرى من النيل المصري إلى الفرات السوري العراقي.
والمشهد هنا فيه الكثير والكثير من القراءات السياسية القائمة على الأسس الدينية اليهودية، وبعض من الديانة المسيحية. حيث لابد من التعمق في دراسة الأسباب الإجتماعية أو المُبررات التي دعت اليهود إلى ذلك، ليس دفاعاً عن الدولة القومية للشعب اليهودي؛ بل من أجل الاستفادة من اليهود الذين سبقونا نحن الفلسطينيين بالشتات الذي نعيشه الآن.
.......
هناك العديد من الصعوبات الإجتماعية التي لحقت بالمجتمع اليهودي بعد إعلان دولتهم الجامعة في فلسطين عام 1948، أهمها هو أن الشعب اليهودي عبارة عن مجموعات من الأفراد، لكل مجموعة خصوصية تختلف فيها عن الأخرى، من حيث العرق واللون واللغة، وكذلك العادات والتقاليد. وهذه الصعوبات كانت محلاً للجدل والسخرية عندما التقى الأسود الإثيوبي مع الأبيض الروسي، أو بعد أن عاش اليهودي العربي مع اليهودي الإنجليزي في بيت واحد.
وعلى الرغم من ذلك، وضعت إسرائيل الكثير من البرامج الإجتماعية للحد من هذه المعوقات، أهمها برنامج العيش المشترك على أرض واحدة لسنوات عديدة، وهو الأفضل لتوحيد اللغة والعادات والتقاليد، كما أن التزاوج بين الالوان والأعراق على مر العقود كفيل ليخلق عرقاً يهودياً جديداً متجانساً إلى حد مقبول.
وبالمقارنة بين الشتات الفلسطيني الحالي والشتات اليهودي السابق؛ فالفلسطينيون ليسوا بأفضل من اليهود، من حيث أننا نعيد تاريخ الشتات اليهودي بالصوت والصورة. فأحفاد الفلسطينيين الذين هاجروا إلى أمريكا الجنوبية لا يتحدثون العربية ولا يعرفون رسم حروفها، والجديد الآن بعد هجرة الفلسطينيين إلى آسيا وإفريقيا والتزاوج هناك، هو أن الجيل الفلسطيني القادم فيه اللون الأسود والعيون الآسيوية.
إذاً لنبحث في مستقبل العرق الفلسطيني بعد مائة أو مائتين عام، وهل سوف يكون أحفاد أحفادنا محلاً للجدل والسخرية عندما يطالبون بحق العودة إلى فلسطين، وخاصة عندما تكون أعراقهم من أوروبا وإفريقيا وآسيا.
الشاهد هنا هو أن اليهود ما قبل الشتات ليسوا هم ما بعد الشتات، وكذلك نحن الفلسطينيون لن نكون كما كان عليه أجدادنا ما قبل عام 1948. وما هو المطلوب منا أن نتعلم من رحلة الشتات اليهودي الذي طاف الأرض شرقاً وغرباً على مدى آلاف السنين، وكيف كانت العقيدة والدين هي المُنقذ الأخير لهم، والذي جمعهم على أرض فلسطين. والذي يبدو لي أن مصيرنا نحن الفلسطينيون هو كمصير روايات الفراعنة واسكندر المقدوني على صفحات التاريخ ليس أكثر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جراجمة القدس

الفسيفساء الفلسطينية

الشؤم الفلسطيني